الأحد، 31 مارس 2019

أبو الغيط أمام القمة العربية: التدخلات الإقليمية أدت لخلق أزمات جديدة بالمنطقة

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الأحد، أن التدخلات، من جيران العرب الإقليميين، وبالأخص إيران وتركيا، فاقمت من تعقد الأزمات وأدت إلى استطالتها، بل واستعصائها على الحل، ثم خلقت أزمات ومشكلات جديدة على هامش المعضلات الأصلية.

وقال أبو الغيط، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية العادية الثلاثين بتونس، إننا “نرفض كافة هذه التدخلات وما تحمله من أطماع ومخططات”، مضيفا “نقول بعبارة واضحة إن ظرف الأزمة هو حال مؤقت، وعارض سيزول طال الزمن أم قصر، أما التعدي على التكامل الإقليمي للدول العربية ووحدتها الترابية، فهو أمر مرفوض عربياً بغض النظر عن المواقف من هذه القضية أو تلك”.

وشدد على أنه لا مجال لأن يكون لقوى إقليمية جيوب في داخل بعض الدول العربية تسميها مثلاً مناطق آمنة، ومن غير المقبول أن تتدخل قوى إقليمية في شئون الداخلية للدول العربية بدعم فصيل أو آخر تحت غطاء طائفي لا يكاد يخفي ما وراءه من أطماع إمبراطورية في الهيمنة والسيطرة.

وأشار الأمين العام للجامعة العربية إلى أن “هذه القمة تنعقد والمنطقة العربية تسير على خيط مشدود، تتشبث شعوبها بأهداب الأمل والرجاء وترفض الانجراف إلى اليأس، مشيرا إلى أن مكانة هذه المنطقة، ودورها في صناعة الحضارة يؤهلانها لمكان أفضل مما هي عليه اليوم”.

وقال “ما زالت بعض دولنا تنزف، وبعض أبنائنا يُكابدون مرارات الصراع وآلام التشريد.. في سوريا واليمن وليبيا”.

وأضاف قائلا “إن بعض من أعز الحواضر وأغلى المدن العربية على نفوسنا، لا تزال تعيش في ظلال الخوف، وتحت تهديد الميلشيات والجماعات الطائفية والعصابات الإرهابية”.

وقال “جميعنا يعرف أن الحلول السياسية هي الكفيلة وحدها – بنهاية المطاف – بإنهاء النزاعات وجلب الاستقرار، فلا غالب في الحروب الأهلية، وإنما الكل مغلوب، المهزوم مغلوب والمنتصر مغلوب”.

وأضاف “لقد تعرض الأمن القومي العربي خلال السنوات الماضية إلى أخطر التحديات، وأشرس التهديدات في تاريخه المعاصر، حتى صارت جراحنا النازفة تُغري كل طامح بالانقضاض، وتدفع كل طامع للتدخل في شئوننا”، لافتا إلى أن هذه التهديدات كلها متشابكة ومتداخلة؛ سواء تلك التي تنهش المجتمعات من داخلها وعلى رأسها الإرهاب، وانتشار التشكيلات المُسلحة خارج سيطرة الدولة أو تلك التي تتربص بها من خارجها، وفي مقدمتها اجتراء بعض قوى الإقليم على الدول العربية، أو نكبة الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذ سبعة عقود ويزيد كلها.

وأوضح أن “هذا ينبه إلى حقيقة ساطعة، وهي أن الأمن القومي العربي وحدة مترابطة، وكل واحد لا يتجزأ، له عنوان واحد وقضية كبرى هي صون الدولة الوطنية، وصون استقلالها ووحدتها، وحفظ تكامل ترابها وسيادتها، والدفاع عن حق شعوبها في العيش الآمن الحر الكريم.
وقال إن ما يتهدد أمن العرب في أقصى المشرق، ليس بعيداً عما يواجههم في القلب أو في أقصى المغرب، والعكس صحيح، فالتهديدات واحدة، وكذا ينبغي أن تكون الاستجابة”.

وأضاف “إن حاجتنا تشتد اليوم أكثر من أي وقت مضى لمفهوم جامع للأمن القومي العربي.. نتفق عليه جميعاً، ونعمل في إطاره.. مفهوم يُلبي حاجة كل دولنا إلى الاستقواء بالمظلة العربية في مواجهة اجتراءات بعض جيراننا، والتدخلات الأجنبية في شئوننا، ومخططات جماعات القتل والإرهاب للنيل من استقرارنا”، مشيرا إلى أن هذا المفهوم للأمن القومي يجب ألا يهون من خطر أي تهديد أو يمنحه الأولوية على غيره، مشددا على أن القضية العربية قضية واحدة من مسقط إلى مراكش.

وقال أبو الغيط إن “بعض أزماتنا وليس كلها من صنع أيدينا للأسف، مشيرا إلى الإعلان الأمريكي المناقض لكافة الأعراف القانونية المستقرة بل ولأسس النظام الدولي الراسخة، الذي يمنح المحتل الإسرائيلي شرعنة لاحتلاله لأرض عربية في الجولان السوري”.

وشدد على أن الجولان هو أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، مؤكدا أن الاحتلال جريمة وشرعنته خطيئة، وتقنينه عصف بالقانون واستهزاء بمبادئ العدالة.

وحذر من أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى اغتنام المكاسب، سواء في سوريا أو فلسطين المحتلة، بتثبيت واقع الاحتلال وقضم الأراضي.

وقال “للأسف فإن مواقف الإدارة الأمريكية الأخيرة تُشجع الاحتلال على المضي قدماً في نهج العربدة والاجتراء، وتبعث بالرسالة الخطأ للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية.. وكأنها تحملهم عبئا فوق عبء الاحتلال، ومعاناة فوق معاناة القمع والاستيطان”.

وأشار أبو الغيط إلى نهب عوائد الضرائب، بالتضييق المالي والسياسي على المؤسسات الفلسطينية – وهي عصب الدولة المستقبلية – وخنق وكالة الأونروا التي تُعالج مأساة اللاجئين.

وقال إن الاحتلال وداعموه يهدفون إلى تقليص المكتسبات الضئيلة التي حققها الفلسطينيون من خلال التفاوض، وأن يتلاشى أي أمل لدى الشعب الفلسطيني، أن يصير حل الدولتين أملاً بعيد المنال رغم أنه الحل الوحيد الممكن لهذا الصراع الطويل، مشيرا إلى ما تنطوي عليه هذه الممارسات من تهديد لأمن واستقرار المنطقة كلها.

وأكد أن العمل العربي المشترك – ولو في حده الأدنى – يظل طوق نجاة وسط هذه الأنواء العاصفة، داعيا إلى التمسك به وتوسيع مساحته قدر الإمكان.

وتابع “لقد شهدنا جميعاً الصدى الطيب للقمة العربية – الأوروبية التي انعقدت للمرة الأولى في شرم الشيخ الشهر الماضي، وقامت الجامعة وتقوم باحتضان منتديات مماثلة مع عدد من الشركاء الدوليين والتجمعات والتكتلات العالمية الكبرى”، مشددا على أن الجامعة تظل العنوان الأبرز والرمز الأبقى لكل ما يجمع العرب، وما يوحد كلمتهم، ويُسمع الآخرين صوتهم الجماعي حيال كافة القضايا التي تتعلق بمصيرهم ومستقبلهم.

وأعرب ألأمين العام للجامعة العربية عن ثقته في حرص القادة العرب في الحفاظ على دورها وزيادة تفعيله، مع منحها دائماً الموارد والإمكانات التي تسمح لها بالنهوض بمسئولياتها المتعددة في سبيل رفعة الأوطان ورفاهية الشعوب.

وتقدم أبو الغيط بجزيل الشكر وعميق الامتنان للرئيس التونسي، وإلى شعب تونس والحكومة التونسية على الكرم والرعاية منذ وصول ضيوف القمة إلى أرض تونس الخضراء.

وقال الأمين العام للجامعة العربية مخاطبا السبسي “أهنئكم على تبوئكم رئاسة القمة العربية في دورتها الثلاثين.. وأدعو الله أن يوفقكم إلى ما فيه خير أمتنا وشعوبنا.. كما أود أن أعبر عن عميق التقدير لما قام به الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين، من جهود مشهودة، وما قامت به المملكة العربية السعودية تحت قيادته الحكيمة من اتصالات واجراءت خلال عام القمة العربية التاسعة والعشرين، في مختلف القضايا والأزمات العربية التي واجهتها أمتنا”.

المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)



اخبار عربية

0 التعليقات:

إرسال تعليق