الخميس، 25 يونيو 2020

احتجاجات في لبنان تزامنا مع “حوار بعبدا” والرئيس يحذر من أجواء حرب أهلية

تجمع عدد من المحتجين، اليوم الخميس، على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، تزامنا مع انعقاد الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون.

وأعرب المتظاهرون عن رفضهم للاجتماع الرئاسي، ونددوا بالتدهور الشديد في الأوضاع المعيشية، كما حمّل جانب منهم “حزب الله” مسئولية الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان.

وحمل المتظاهرون، الذين انتشروا على الأوتوستراد المؤدي إلى قصر بعبدا، أعلام لبنان ولافتات احتجاجية مناهضة للحكومة الحالية، واعتبروا أن الاجتماع الرئاسي لن يؤدي إلى تحقيق نتائج ملموسة على صعيد تحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمواطنين اللبنانيين وحماية استقرار البلاد والسلم الأهلي.

كما حملت مجموعة من المتظاهرين لافتات تطالب بتطبيق قرارات مجلس الأمن في شأن لبنان والتي تقضي بنزع سلاح كافة الجماعات والميليشيات والتنظيمات المسلحة، ومن بينها لافتات تحمل شعار ” لا للسلاح غير الشرعي.. لا للوصاية الإيرانية على لبنان.. نعم لتطبيق القرار 1559 “، مؤكدين أن “حزب الله” يتحمل قدرا كبيرا من المسئولية عن وصول الأوضاع إلى الانهيار الراهن في لبنان.

وطالب المتظاهرون أن تتولى القوات المسلحة اللبنانية وحدها مسئولية حماية البلاد وتأمينها، وأن تمسك دون غيرها بالقرار الاستراتيجي (قرار السلم والحرب)، وإغلاق المعابر الحدودية غير الشرعية حماية للصناعة والاقتصاد اللبناني من التهريب.
وقال المتظاهرون إن سلطة الحكم اتبعت سياسات أدت إلى انهيار البلاد على كافة الأصعدة المالية والسياسية والنقدية، مطالبين بإسقاط الطبقة الحاكمة بكامل عناصرها، محملين إياهم مسئولية وتداعيات التدهور والانهيار القائم.

ولم تُسجل احتكاكات أو مواجهات بين المتظاهرين وقوات الجيش والحرس الجمهوري، التي انتشرت بكثافة كبيرة على طول الطريق المؤدي إلى القصر الرئاسي، حيث تواجد عدد كبير من ضباط وأفراد القوات المسلحة والحرس الجمهوري والآليات العسكرية؛ تحسبا لوقوع أية اضطرابات أمنية.

من جانبه , أكد الرئيس اللبناني ميشال عون، أن بلاده تمر بأسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخها، محذرا من الخطورة الشديدة لحالة التفلت التي وقعت مؤخرا وانطوت على إثارة النعرات الطائفية بشكل يلامس أجواء الحرب الأهلية (1975 – 1990) في حين شدد رئيس الحكومة حسان دياب على أن لبنان ليس بخير وأن التدهور الاقتصادي بلغ مرحلة الجوع لدى المواطنين اللبنانيين.

جاء ذلك خلال الكلمتين الافتتاحيتين للرئيس اللبناني ورئيس الحكومة، خلال اجتماع “اللقاء الوطني” الذي دعا لانعقاده عون اليوم بحضور عدد من رؤساء وزعماء القوى السياسية اللبنانية، للتباحث في الأوضاع الاقتصادية وتداعيات الأحداث الأخيرة التي رافقت الاحتجاجات وما شهدته من اضطرابات ومساس بالسلم الأهلي واستقرار البلاد.

وقال الرئيس اللبناني: “السلم الأهلي خط أحمر والمفترض أن تلتقي جميع الإرادات لتحصينه، فهو مسئولية الجميع، وما جرى في الشارع في الأسابيع الأخيرة، ولاسيما في طرابلس وبيروت وعين الرمانة، يجب أن يكون إنذارا لنا جميعا لتحسس الأخطار الأمنية التي قرعت أبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية”.

واعتبر عون أن هناك من يستغل غضب الناس ومطالبهم المشروعة، من أجل توليد العنف والفوضى، لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة بالتقاطع مع مكاسب سياسية لأطراف في الداخل. على حد تعبيره.

وأضاف: “لقد لامسنا أجواء الحرب الأهلية بشكل مقلق، وأُطلقت بشكل مشبوه تحركات مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية وتجييش العواطف وإبراز العنف والتعدي على الأملاك العامة والخاصة وتحقير الأديان والشتم، وإزاء هذا التفلت غير المسبوق والعودة إلى لغة الحرب البائدة التي دفع لبنان ثمنها غاليا في الماضي، كان لا بد لي انطلاقا من مسئولياتي الدستورية، أن أدعو إلى هذا اللقاء الوطني الجامع، لوضع حد نهائي لهذا الانزلاق الأمني الخطير”.

وأشار إلى أن لبنان يمر بأسوأ أزمة مالية واقتصادية، وأن اللبنانيين يعيشون معاناة يومية خوفا على جنى أعمارهم، وقلقا على المستقبل، ويأسا من فقدان وظائفهم. مضيفا: “ليس أي إنقاذ ممكنا إن ظل البعض مستسهلا العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية، والتناغم مع بعض الأطراف الخارجية الساعية إلى جعل لبنان ساحة لتصفية الحسابات وتحقيق المكاسب، عبر تجويع الناس وترويعهم وخنقهم اقتصاديا”.

وأكد أن الانهيار إذا وقع فلن يستثني أحدا، كما أن الجوع والبطالة ليس لهما لون طائفي أو سياسي، مشددا على أن الاجتماع يستهدف تعزيز الوحدة الوطنية ومنع الانفلات.

من جانبه، قال رئيس الحكومة حسان دياب إن اللبنانيين يتطلعون بقلق إلى المستقبل في ظل الارتباك الذي يسود البلاد، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، معتبرا أن علاج الأوضاع الراهنة هو مسئولية وطنية تقع على عاتق الجميع وليس مسئولية الحكومة وحدها.

وأشار إلى أن حكومته “جاءت على أنقاض الأزمة” وتمكنت من تخفيف حدة الأزمات باتخاذها قرار عدم سداد الديون السيادية (سندات اليوروبوندز) والتي كانت تبلغ 4.6 مليار دولار لهذا العام، على نحو خفف الضغط على الاحتياطي النقدي من الدولار.

وأضاف: “العلاج ليس فقط مسئولية الحكومات السابقة التي كانت تخفي الأزمة ثم جاءت هذه الحكومة لتكشف بجرأة وشفافية أرقام الخسائر المالية المتراكمة في سياق خطة مالية إنقاذية هي الأولى في تاريخ لبنان. الكل معني بالمساهمة في ورشة الإنقاذ وليس لدينا الوقت للمزايدات وتصفية الحسابات وتحقيق المكاسب السياسية”.

واعتبر أن لبنان يمر بمرحلة مصيرية تتطلب إعلاء “منطق الدولة” لتخفيف حجم الأضرار التي قد تكون كارثية، مشيرا إلى أن اللبنانيين لا يتوقعون من الاجتماع نتائج مثمرة.

وأوضح قائلا: “بنظر اللبنانيين فإن اللقاء سيكون كسابقاته وبعده سيكون كما قبله وربما أسوأ. لا يهتم اللبنانيون سوى بأمر واحد.. كم بلغ سعر الدولار الأمريكي. لن يدقق اللبنانيون في عبارات الخطابات، لم يعد يهمهم ما نقول، يهمهم فقط ماذا سنفعل، وليس لكلامنا أي قيمة إذا لم نترجمه لأفعال تخفف عن اللبنانيين أعباء وأثقال يومياتهم”.

وشدد على أن اللبنانيين يتطلعون إلى حماية من الغلاء الفاحش وتوفير الكهرباء وأن يتحرك القضاء ضد الفساد والفاسدين، وأن يقوم مصرف لبنان المركزي بضبط سعر صرف الدولار أمام الليرة وحفظ قيمة رواتبهم ومدخراتهم من التآكل”.

جدير بالذكر أن “اللقاء الوطني” عقد في ظل غياب شبه كامل لأركان المعارضة وبعض القوى المشاركة في تشكيل الحكومة الحالية، حيث قاطعه الرؤساء السابقون للحكومات سعد الحريري وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، وحزب القوات اللبنانية، وحزب الكتائب اللبنانية، وتيار المردة، والرئيسين السابقين أمين الجميل وإميل لحود.

المصدر: أ ش أ



اخبار عربية

0 التعليقات:

إرسال تعليق